- أشكال المدن :
- تختلف أشكال المدن من جهة لأخرى فقد تتخذ الشكل المستدير أو المستطيل , كما قد تبنى على سطح هضبة أو في داخل كوع نهري , ويتأثر شكل مدينة البندقية أهلته الظروف الطبيعية مما يضفي عليها شكلا متمايزا , فمثلا المدن التي تنشأ في بطون الأودية نجدها تمتاز بالشكل الطولي , كما أن شكل مدينة البندقية أهلتها الظروف الطبيعية , في المدينة تقع على عدد كبير من الجزر التي تتصل ببعضها بعدد كبير من الجسور, وإذا كان للظروف الطبيعية هذا التأثير الكبير على شكل المدينة فيجب أن لا ننسى أثر العصر الذي بنيت فيه, فمدن العصور القديمة تختلف في أشكالها عن مدن العصور الوسطى , كما تختلف المدن الحديثة عن كلا النوعين السابقين فمثلا : المدن العربية الأصيلة لها طابع خاص يميزها عن غيرها , وقد تأثرت هذه المدن وتغيرت ملامحها في الوقت الحاضر نتيجة لتعرض البلاد العربية للاستعمار الأوروبي الذي عمل على خلق مدن عربية جديدة كما غير من أشكال المدن القديمة , وكذلك بسبب الزيادة المضطردة للسكان في الوطن العربي التي أدت إلى إكتضاظ المدينة العربية بالسكان وامتدادها واتساعها نتيجة لحركة التعمير , والإنشاءات العمرانية الحديثة تختلف عن الإنشاءات العربية الأصيلة لعدة اعتبارات سياسية واقتصادية واجتماعية , كالمباني العربية الأصيلة تمتاز بالفخامة ولا تزال المدن العربية في الأندلس وإشبيلية وغرناطة و قرطبة شاهدا على طابع المدن العربية الأصيلة , كما تأثر وظيفة المدن على شكلها , فأشكال الموانئ يختلف غالبا عن العواصم أو المدن الحربية أو المدن السياحية والعلاجية .
تخطيط المدن :
- يقصد بتخطيط المدينة الشكل الذي تنضم بموجبه شوارع المدينة وساحاتها وأبنيتها . ويراعي في تخطيط المدينة ظروفها التاريخية والحالية والمستقبلة , وعلى العموم فتخطيط المدن شيء حي متطور دائم يتنازعه ماضي المدينة وقوة مستقبلها . ويتأثر تخطيط المدينة بظروف موضعها فالمدن التي تنشأ على المرتفعات يختلف مخططها عن المدن التي تشأ في بطون الأودية , كما يتأثر تخطيط المدينة كذلك بوظيفتها
وتقسيم مخططات المدن إلى ثلاثة أنماط رئيسية :
-التخطيط الغير منتظم : ويلاحظ هذا التخطيط بوضوح في الأحياء القديمة , في الشوارع ضيقة و ملتوية والمنازل متلاصقة ويتضح ذلك في حي القصبة بالجزائر العاصمة , و من النادر أن نجد مدنا بأكملها , يسودها هذا النوع من المخططات , فقد أنشأت الأحياء الحديثة والمخططة تخطيطا بديعا حول الأحياء القديمة و يتمثل ذلك في مدن عديدة من العالم مثل القاهرة , ودمشق و الجزائر العاصمة .
-التخطيط الشعاعي: و يمتاز هذا النوع من التخطيط , بأنه يتم توسع المدن حول منطقة مركزية بحيث تتلاقى في شوارع هذه المنطقة , ولذلك يسهل الوصول إلى قلب المدينة ويمثل هذا النوع مدينة موسكو.
التخطيط التربيعي : و في هذا التخطيط تقسم المدينة إلى عدة أقسام منتظمة تتقاطع فيه الشوارع طوليا وعرضيا على شكل لوحة الشطرنج ,وربما لهذا المخطط أثر من تراث المعسكرات الرومانية , كما يظهر في بعض المدن الأروبية وقد إنتقل إلى المدن الأمريكية .
كما يوجد هذا التخطيط في بعض مدن البترول بالمملكة العربية السعودية مثل الدمام .
هذا ومن النادر أن تكون المدن الكبرى ذات مخطط واحد منتظم فغالبا يتغير – مخططها مع العصور التاريخية المختلفة , وأيا كان نوع الخطط فإن كل مدينة – في الغالب – تتكون من عدة أحياء تتميز عن بعضها في عصور نشأتها وتاريخها , وفي الوقت الحالي يسعى تخطيط المدينة إلى تقسيمها إلى عدد من الأحياء منها الأحياء التجارية وأخرى صناعية, وأحياء جامعية ... الخ كما خصصت في بلاد التمييز العنصري – مثل الولايات المتحدة و اتحاد جنوب افريقيا – أحياء لسكني الزنوج .
وقد تنمو حول المدن الضواحي التي يفضل سكان المدن الكبرى – نيويورك ولندن – سكناها نظرا لهدوئها و صحة جوها .
- وظائف المدن:
تؤدي المدن وظائف مختلفة عديدة , وهذه وظائف متداخلة لدرجة كبيرة و ليس من السهل تحديد أي الوظائف هي الأولى و السائدة في المدينة . ومما يزيد الأمر تعقيدا محاولة المدينة الحديثة تنويع وظائفها , ولو أنه وجدت بعض المدن التي لم تستطع تنويع وظائفها بسبب استئثار وظيفتها القديمة لمعظم نشاط سكانها , وعموما فقد قسمت المدن على أساس الوظيفة إلى عدة أنواع من أهمها :
-المدن التجارية : تقسم هذه المدن إلى ثلاثة أنواع هي:
-مدن الأسواق المحلية : ويتم فيها تبادل المنتجات في أيام الأسواق التي قد تكون يوما أو أكثر من أيام الأسبوع, وتقوم هذه المدن بخدمة المناطق المجاورة لها حيث يتم في أسواقها تبادل منتجات الجهات التي تجاورها مثل مدينة الخروب بالقرب من قسنطينة.
- المدن التجارية القارية: وغالبا ما تقع هذه المدن عند مناطق الإنتقال بين الأقاليم الطبيعية المختلفة في إنتاجها. ولذلك فانه يتم في هذه المدن تبادل المنتجات الزراعية والصناعية المختلفة, ومن أمثلتها مدينة تمبكتو التي تقع عند ألتقاء إقليم السافانا بالصحراء الكبرى الإفريقية.
- الموانئ التجارية: تعد الموانئ النوافذ التي تطل منها الدول على العالم الخارجي وعن طريقها يتم التبادل التجاري,وكل ميناء ظهير (الإقليم الذي يقع خلفه) يخدمه ويصرف منتجاته كما يستقبل البضائع لتوزيعها عليه. وإذا إجتمع الميناء الصالح والظهير الغني. نما الميناء وصار مدينة ضخمة مثل نيويورك
ولندن وهمبورغ وميناء عنابة بالجزائر, وحتى يكون الميناء مثاليا يشترط فيه الخصائص الآتية:
-أن تكون مياهه عميقة حتى تستطيع السفن الضخمة الرسو فيه.
-أن يكون محميا من العواصف
-أن يكون متسعا حتى يستقبل عددا كبيرا من السفن في آن واحد.
-أن تحيط به أرض فضاء صالحة لنموه
-سهولة المواصلات بين الميناء وظهيره.
- المدن الحربية: من المعتقد أن الوظيفة الحربية هي أقدم وظيفة عرفتها المدن, وبالرغم من ذلك فإنه ليس لهذه الوظيفة في الوقت الحاضر أهمية بعد تطور وسائل الحرب, من المدن الحربية القديمة مدن الإقلاع التي كانت تقوم بحماية البلاد, وتعد المدن التي أنشئت على حدود الإمبراطورية الرومانية مثلا لتلك المدن, كما أنشأ العرب مدن القلاع (الأبراج) لحماية حدودهم من غارات البزنطيين والأسبان, وقد أنشأ الفرنسيون مدن القلاع بعد غزوهم للجزائر عام 1830م ومنها:قلعة مكماهون وقلعة لالموند.
وكانت المدن الحربية تقام على قمم التلال عند مداخل الممرات الجبلية الهامة, وقد ساعدها هذا الموقع على الدفاع ضد المعتدين وإعاقة هجومهم, وبعد تطور وسائل الحرب فقدت هذه المدن أهمية موضعها.
ونشاهد في الوقت الحالي أن المدن الحربية أصبحت تمارس وضائف أخرى مثل التجارة وغيرها وذلك بعد أن زال سبب قيامها, وإذا كانت المدن العربية قد فقدت أهميتها في الوقت الحالي, فإنه مازالت يوجد حتى الآن موانئ حربية لها أهميتها الإستراتيجية في الدفاع عن البلاد ومهاجمة الأعداء , ومن الموانئ الحربية برست وطولون بفرنسا , وبنزرت بتونس .
- المدن الصناعية: وقد ظهرتهذه المدن في العصر الحديث نتيجة للثورة الصناعية الآلية الحديثة التي أدت إلى تجمع عدد هائل من السكان في أماكن محدودة , وإذا كانت الصناعة الحديثة قد أدت إلى قيام المدن الصناعية فإن المدن نفسها تخلق الصناعات , وقد نجد في المدينة الواحدة عدة صناعات , كما نجد بعض المدن تخصصت في إنتاج صناعات معينة مثل مدن الصناعات الحديدية والمنسوجات .
وللمدن الصناعية أمثلة عديدة ونجدها في كثير من بلدان العالم , مثل المدن الصناعية في المملكة المتحدة و اليابان و بلجيكا وألمانيا الغربية و الإتحاد السوفييتي و الولايات المتحدة .
- المدن التعدينية : وقد أنشئت هذه المدن حيث وجدت المعادن دون النظر إلى بقية الظروف البيئية الأخرى من مناخ وتضاريس و غابات و ما إلى ذلك , فقد تنشأ هذه المدن مرتبطة بوجود المعادن أينما كانت مثل مدن الذهب
( كالجورلي , كالجاردى ) بصحراء أستراليا , وكذلك مدن البترول بالدول العربية مثل مدينة الظهران بالعربية السعودية و حاسي مسعود بالجزائر وبقاء مدن التعدين مرهون بوجود المعادن ولذلك فإذا نضبت الثورة المعدنية التي قامت من أجلها هذه المدن فإنها تتقلص وتتلاشى .
- المدن السياحية والعلاجية: تنشأ هذه المدن نتيجة لتوافر شروط معينة مثل الوضع المناسب والمناخ الملائم ( ذات الهواء النقي ). وقد توجد في بعضها المياه المعدنية والعيون الحارة ويستفاد من ذلك علاج بعض الأمراض , كما تقوم بعض المدن بالوظيفة السياحية نتيجة لوجود الآثار القديمة مثل الأقصر في مصر وشرشال وتيبازة بالجزائر. وتوجد مدن سياحي كثيرة باقليم الريفييرا بفرنسا و كذلك في إسبانيا وإيطاليا و سويسرا . وتعتني كثير من الدول العربية بالمدن السياحية و العلاجية وذلك لالتجاء السياح و السكان إليها للراحة و الاستجمام في أثناء العطلات حيث يستمتعون بالهدوء , و لذلك فإن المدن السياحية تمتاز بتضخم سكانها في فصول معينة من السنة مثل فصل الصيف وقلتهم في فصل الشتاء حيث يعيش عدد قليل من السكان . ومن المدن العلاجية مدينة فيشي الفرنسية , كما توجد بالجزائر حمامات لها وظيفة علاجية مثل حمام ريغه و حمام ملوان , وحمام المسخوطين , و حمام الصالحين , حمام أبو حنيفية.
- المدن الدينية : تضم هذه المدن الأماكن المقدسة حيث يحج إليها كل عام مئات الآلاف من البشر مثل مكة التي يوجد بها الحرم النبوي الشريف و المدينة ويوجد بها قبر الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم تسليما ويحج إلى هذه المدينة المسلمون فقط .
ومن المدن الدينية مدينة القدس بفلسطين المحتلة من طرف الصهاينة , كما توجد مدن دينية عرفتها الأديان الغير السماوية مثل : بنارس الله أباد في الهند وآسا في اليابان .
وللعلم أن هذه المدن لا تقتصر وظيفتها على الناحية الدينية بل تقوم كذلك بالوظيفة التجارية لتوفير ما يحتاج إليه الحجاج من المواد المختلفة .
أكثر...