مسؤوليات البلدية تجاه حق المواطن في التنمية

المشرف العام

Administrator
طاقم الإدارة
مسؤوليات البلدية تجاه حق المواطن في التنمية
تطور مفهوم ومجال التنمية كثيرا خلال العقود الأخيرة، حيث ظهرت إلى جانب مصطلح التنمية الاقتصادية عدة مسميات كالتنمية الاجتماعية، والتنمية البشرية المستديمة، والتنمية الإنسانية. كما عرف الخطاب التنموي ظهور مفاهيم متعددة تعنى بتحديد نطاق التنمية من قبيل، التنمية القطرية (الوطنية)، والجهوية (الإقليمية)، والتنمية المحلية. وهي كما نلاحظ ما فتئت تسعى إلى حصر فضاء أو نطاق التنمية في حدود ومجالات ترابية أصغر.
وبموازاة ذلك، تطور أيضا مفهوم حقوق الإنسان ليشمل، إلى جانب الحقوق السياسية والمدنية، الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وينتج عن الربط بين مفهومي التنمية وحقوق الإنسان؛ مفهوم التنمية الإنسانية، أي التنمية المتصالحة مع حقوق الإنسان، والتي توفر إشباع حاجاته السياسية والمدنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
ولقدأصبح المجال المحلي اليوم، الإطار الأنسب لطرح القضايا الأساسية للتنمية، وللتعبير عن الإشكاليات والسمات البارزة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية في علاقاتها مع خصوصية الجهات والوحدات المحلية المكونة للمجال الوطني.
ورغم اختلاف بلدان العالم في توزيع الوظيفة الإدارية بين الدولة والهيئات المحلية، حسب نمط وظروف كل بلد، لأخذ كل منها بالأسلوب الذي يلائم ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فان جل الدول أصبحت تطبق بشكل أو بأخر الأسلوب اللامركزي. واتجه العديد منها إلى إعادة هيكلة مجالاته الترابية، وإعادة توزيع المسؤوليات والمهام بين الإدارة المركزية وهيئات للحكم المحلي ذات مستويات مختلفة، لتحقيق الديمقراطية المحلية والتنمية الاقتصادية. وبذلك أصبح التركيز بالأساس يتمحور على نقطتين أساسيتين وهما: اللامركزية على مستوى اتحاذ القرار، ثم سن استراتيجيات ملائمة لجلب الاستثمارات في المجالات المحلية المعنية.
وفي موريتانيا أفرزت السياسة اللامركزية المتبعة منذ سنة 1986 بعث ما مجموعه 218 بلدية، وقع إحداثها لكي تشكل حلقة للتنمية، ووسيطا بين المجموعات المحلية والمتدخلين الخارجيين، وقد أوكلت الدولة للبلديات وظيفة تأطير وتنظيم الأعمال التنموية على المستوى المحلي، وانتظرت منها دورا محليا فعالا، وسد فراغ تهيوي في المجالين الحضري والريفي، كما تنازلت لها عن جزء من صلاحياتها الإدارية التنفيذية والجبائية. فعلى هذا الأساس وجدت البلديات ضمن فلسفة اللامركزية الهادفة إلى تقريب اتخاذ القرار من القاعدة، بالإضافة إلى إرساء قواعد الديمقراطية وضمان المشاركة الفعلية للسكان في التنمية البشرية المستديمة.
وهكذا تضطلع البلدية بتسيير المصالح المحلية، وتسهر علي ضمان توفير الخدمات العمومية الضرورية لتلبية حاجيات السكان المحليين والتي لا تدخل، بطبيعتها وأهميتها، في اختصاصات الدولة. وفي هذا الإطار فإن المشمولات البلدية تضم علي وجه الخصوص:
- شبكة الطرق المحلية،
- بناء وصيانة و تجهيز منشآت التعليم الابتدائي،
- بناء وصيانة وتجهيز المستوصفات والمراكز الصحية ومراكز الأمومة والطفولة،
- التزويد بالمياه والإنارة العمومية،
- النقل الحضري والصحي والمدرسي،
- مكافحة الحرائق،
- الصرف الصحي،
- صرف النفايات والقمامات المنزلية،
- الأسواق والمسالخ،
- المنشآت الرياضية والثقافية البلدية،
- المنتزهات والحدائق،
- المقابر،
- مساعدة المحتاجين،
- إعداد وتسيير المناطق والممتلكات المتنازل عنها من الدولة للبلدية.
هذه الاختصاصات كما نلاحظ تغطي جوانب هامة من حقوق الإنسان، فهي تشمل الأبعاد البيئية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لتلك الحقوق، فضلا عن أن فلسفة اللامركزية الأساسية تقوم على تكريس الديمقراطية المحلية، أي تلبية الحقوق السياسية والمدنية للسكان وتجذير قيم المشاركة والمواطنة.
من المفترض إذن؛ أن يشارك المواطن من خلال صوته الانتخابي في صنع القرار على الصعيد المحلي فهو مصدر الشرعية للهيئات المنتخبة، وبالتالي فله الحق وعليه واجب المشاركة في الحياة المحلية. من أجل بلوغ المشـاركة الواعيـة والفاعلـة لـكل المواطنين - دون اسـتثناء ودون وصايـة مـن أي نـوع - صلـب الأطر السياسـية والاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة للحياة البلدية.
إن من حق المواطن أن يطالب البلدية بأن يكون له محيط سكن نظيف، ومياه شرب نقية وصالحة، ومشاريع صرف صحي، وطريق مرصوف، وتمدرس لائق، ومراكز ونقاط صحية ملائمة، ومساحات خضراء، وحدائق عمومية، وفضاءات وأنشطة ثقافية ورياضية كافية، ومجال عمومي أرحب ومجهز. ولكن في المقابل على المواطن أن يلتزم بدفع الضرائب والرسوم البلدية، وأن ينصاع للقرارات والإجراءات التنظيمية التي يصدرها المجلس البلدي والتي تخدم المصلحة العامة.
ولتحقيق هذه المعادلة لا بد من إيجاد أرضية جديدة، تقوم على مبادئ وآليات عمل تشاركية وتكاملية، عوض علاقة التوتر والتنافر، التي أثرت سلبا على التجربة البلدية ومسيرة التنمية المحلية خلال العقود الثلاثة الماضية.


د. سليمان ولد حامدن ولد حرمة
باحث في اللامركزية والتنمية المحلية

soulaymane77@yahoo.fr

أكثر...
 
أعلى