كتاب القروض الدولية وآثارها على اقتصادات الدول العربية والإسلامية

القُرُوضُ الدَّوْليّةُ
وَآثارُها على اقْتِصاداتِ الدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ

يَحْيَى السَّيِّد عُمَر

مُلَخَّصُ الدِّراسةِ:
تَناوَلَت الدِّراسةُ باسْتِفاضةِ كُلَّ ما يَتَعَلَّقُ بعَمَليّةِ الإِقْراضِ والتَّمْويلِ على المُسْتَوَى الدَّوْليِّ، وأَثَرِها على اقْتِصاداتِ الدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ، مُنْطَلِقةً من تَعْريفِ القُرُوضِ الدَّوْليّةِ ودَوافِعِها، مع التَّعْريفِ بِأَبْرَزِ مُؤَسَّساتِ التَّمْويلِ والإِقْراضِ الدَّوْليّةِ، والشُّرُوطِ الدَّوْليّةِ المُعْتَمَدةِ في سِياقِ عَمَليّاتِ الإِقْراضِ، وُصُولًا إلى آثارِ إِسْتِراتيجيّاتِ القُرُوضِ على كافّةِ المَناحي السّياسيّةِ والاقْتِصاديّةِ والاجْتِماعيّةِ بالدُّوَلِ المُتَلَقّيةِ أو المَدِينةِ، مع تَحْليلِ أَثَرِ القُرُوضِ الدَّوْليّةِ على اقْتِصاداتِ الدُّوَلِ النّاميةِ، مع ذِكْرِ بَعْضِ التَّجارِبِ الدَّوْليّةِ النّاجِحةِ أو الفاشِلةِ في مَجالِ القُرُوضِ، مع التَّرْكيزِ على الحالَتَيْنِ التُّرْكيّةِ والمِصْريّةِ.
وناقَشَت الدِّراسةُ الجَدَلَ الأَكاديميَّ المُحْتَدِمَ بِشَأْنِ التَّنْظيرِ الاقْتِصاديِّ لِجَدْوَى اعْتِمادِ الدُّوَلِ الإِسْلاميّةِ في سَعْيها نَحْوَ تَحْقيقِ التَّنْميةِ المُسْتَدامةِ Sustainable Development على آليّةِ الاقْتِراضِ الدَّوْليِّ، سَواءٌ على مُسْتَوَى الدُّوَلِ أو على مُسْتَوَى المُنَظَّماتِ والهَيْئاتِ والكياناتِ الاقْتِصاديّةِ المُخْتَلِفةِ، وسَواءٌ أَخَذَتْ هذه القُرُوضُ شَكْلَ القُرُوضِ المُيَسَّرةِ لِآجالٍ مُمْتَدّةٍ ما بين المَدَيَيْنِ المُتَوَسِّطِ والطَّويلِ.
وسَعَت الدِّراسةُ عَبْرَ فُصُولِها المُمْتَدّةِ إلى الإِجابةِ على إِشْكاليّةٍ بَحْثيّةٍ رَئيسةٍ؛ تَمَثَّلَتْ في تَساؤُلٍ جَوْهَريٍّ يَتَعَلَّقُ بماهيّةِ الآثارِ المُتَرَتِّبةِ على تَنامي الاعْتِمادِ على القُرُوضِ الدَّوْليّةِ بِكافّةِ صُوَرِها وأَشْكالِها، والَّتي تَتَلَقّاها الكَثيرُ من الدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ لِسَدِّ فَجَواتِها التَّمْويليّةِ والإِنْفاقِ على بَرامِجِها التَّنْمَويّةِ المُتَعَدِّدةِ الرّامِيَةِ إلى إِحْداثِ النَّهْضةِ الشّامِلةِ والتَّقَدُّمِ الاقْتِصاديِّ والاجْتِماعيِّ والتَّنْميةِ المُسْتَدامةِ.
وحَلَّلَتِ الدِّراسةُ الأُسُسَ النَّظَريّةَ والمُنْطَلَقاتِ العَمَليّةَ لِلتَّمْويلِ الدَّوْليِّ، وخاصّةً القُرُوضَ عَبْرَ مُؤَسَّساتِ التَّمْويلِ والإِقْراضِ الدَّوْليّةِ، والَّتي تَنْشَأُ عنها التِزاماتٌ وأَعْباءٌ ثَقيلةٌ على اقْتِصاداتِ الدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ، وذلك دُونَ السُّقُوطِ في فَخِّ الخَلْطِ بين مَفْهُومِ التَّمْويلِ من جانِبٍ، والإِدارةِ الماليّةِ من جانِبٍ آخَرَ.
واسْتَخْدَمَت الدِّراسةُ مَنْهَجَ دِراسةِ الحالةِ، باعْتِبارِهِ مَنْهَجًا وصْفيًّا مُلائِمًا لسَبْرِ أَغْوارِ ظاهِرةِ القُرُوضِ الدَّوْليّةِ، وتَشْريحَ بِنْيةِ مُؤَسَّساتِ التَّمْويلِ والإِقْراضِ الدَّوْليّةِ، وآليّاتِ عَمَلِها، وشُرُوطِها للمُوافَقةِ على هذه القُرُوضِ، وتَأْثيرِ هذه القُرُوضِ على النَّواحي الاقْتِصاديّةِ، وأَثَرِ هذه القُرُوضِ على اقْتِصاداتِ الدُّوَلِ النّاميةِ؛ وخاصّةً العَرَبيّةَ والإِسْلاميّةَ، مع التَّرْكيزِ على حالَتَي النَّقيضِ المِصْريّةِ والتُّرْكيّةِ.
وتَبْرُزُ أَهَمّيّةُ الدِّراسةِ في نِقاطٍ عِدّةٍ أَبْرَزُها؛ أَنَّها تَحَلُّلُ الأَبْعادَ الاقْتِصاديّةَ لِلتَّمْويلِ الدَّوْليِّ، في إِطارٍ تَكامُليٍّ مع الأَبْعادِ الأُخْرَى غَيْرِ السّياسيّةِ، لا سيَّما الاقْتِصاديّةُ والاجْتِماعيّةُ منها، ومن ثَمَّ فَهي تُمَثِّلُ رُؤْيةً تَكامُليّةً لا تَفْصِلُ بَيْنَ عُرَى الظّاهِرةِ، بِما يُشَكِّلُ إِسْهامًا مُتَماسِكًا لِتَحْليلِ أَحَدِ أَهَمِّ المُرْتَكَزاتِ الَّتي يَنْهَضُ عليها الاقْتِصادُ الدَّوْليُّ المُعاصِرُ.
وتُعْتَبَرُ الدِّراسةُ مُحاوَلةً تَأْسيسيّةً للخُرُوجِ من نَفَقِ الوَصَفاتِ الجاهِزةِ الَّتي تَعْتَبِرُ التَّمْويلَ الدَّوْليَّ هو المَدْخَلُ الرَّئيسُ لِلتَّنْميةِ ذاتِ المَشْرُوطيّةِ السّياسيّةِ، باهِظةِ التَّكْلِفةِ على الأُمَمِ والشُّعُوبِ، والَّتي تَفْرِضُها مُؤَسَّساتُ الرَّأْسِماليّةِ الدَّوْليّةِ، مِثْلُ صُنْدُوقِ النَّقْدِ والبَنْكِ الدَّوْليَّيْنِ، على الأُمَمِ الضَّعيفةِ بهَدَفِ دَمْجِها في قاطِرةِ الاقْتِصادِ الدَّوْليِّ الَّتي تَصُبُّ في الآخِرِ في مَصْلَحةِ القُوَى الكُبْرَى الدَّوْليّةِ.
وتَهْدِفُ الدِّراسةُ إلى تَحْليلِ واقِعِ القُرُوضِ الدَّوْليّةِ وآثارِها على اقْتِصاداتِ الدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ، مع اسْتِعْراضِ أَبْرَزِ التَّجارِبِ، سَواءٌ النّاجِحةُ أو الفاشِلةِ، في التَّعامُلِ مع مُؤَسَّساتِ التَّمْويلِ الدَّوْليّةِ الرَّئيسةِ، وخاصّةً صُنْدُوقُ النَّقْدِ والبَنْكِ الدَّوْليَّيْنِ؛ بِاعْتِبارِهِما رَمْزَ اللّيبْراليّةِ الاقْتِصاديّةِ وأَداةَ القُوَى الكُبْرَى، وخاصّةً الوِلاياتِ المُتَّحِدةَ الأَمْريكيّةَ، للهَيْمَنةِ على قَراراتِ الدُّوَلِ النّاميةِ على كافّةِ المُسْتَوَياتِ.
وغَطَّت الدِّراسةُ من خِلالِ فُصُولِها العَشَرةِ قَضايا مُهِمّةً تَمَثَّلَتْ في: التَّعْريفِ بِمَفْهُومِ التَّمْويلِ الدَّوْليِّ، أَهَمّيَّتِهِ، أَسْبابِ الحاجةِ إلى التَّمْويلِ الدَّوْليِّ، ومَراحِلِ تَطَوُّرِهِ، ثُمَّ مَصادِرِ التَّمْويلِ الدَّوْليِّ، وتَحْليلِ سياساتِ مُؤَسَّساتِ التَّمْويلِ الدَّوْليّةِ، ومن ثَمَّ آثارُ القُرُوضِ الدَّوْليّةِ على اقْتِصاداتِ المِنْطَقةِ العَرَبيّةِ.
هذا مع إِلْقاءِ الضَّوْءِ على أَزْمةِ المَدْيُونيّاتِ الخارِجيّةِ في الدُّوَلِ النّاميةِ، وكذلك واقِعُ القُرُوضِ في التَّجارِبِ الدَّوْليّةِ بين النَّجاحِ والإِخْفاقِ، مع تَخْصيصِ التَّحْليلِ حَوْلَ إِشْكاليّةِ القُرُوضِ في تَجارِبِ الدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ بين النَّجاحِ والفَشَلِ، ثُمَّ تُحَلِّلُ الدِّراسةُ العَلاقةَ بين الاقْتِصادِ الإِسْلاميِّ والقُرُوضِ الدَّوْليّةِ، من خِلالِ تَأْصيلٍ مَقاصِدِيٍّ؛ يَفْضُّ الاشْتِباكَ بين الإشْكاليّاتِ المُتَعَلِّقةِ بذلك، ثُمَّ تُقَدِّمُ الدِّراسةُ رُؤْيَتَها نَحْوَ قُرُوضٍ دَوْليّةٍ تَنْمَويّةٍ آمِنةٍ من خِلالِ رُؤْيةٍ إِسْلاميّةٍ تَأْسيسيّةٍ تَسْتَفيدُ من واقِعِ الخِبْراتِ الدَّوْليّةِ المُتَعَلِّقةِ بِالقُرُوضِ على كافّةِ المُسْتَوَياتِ.
وخَلَصَت الدِّراسةُ إلى عَدَدٍ من النَّتائِجِ لَعَلَّ أَهَمَّها؛ أَنَّ الوَصَفاتِ العِلاجيّةَ المُقَدَّمةَ لِمُشْكِلةِ الدُّيُونِ من الحُكُوماتِ الغَرْبيّةِ والمُؤَسَّساتِ الماليّةِ الدَّوْليّةِ، أَدَّتْ في كَثيرٍ من الأَحْيانِ إلى نَتائِجَ عَكْسيّةٍ في البُلْدانِ النّاميةِ، وأَنَّ الآثارَ الكارِثيّةَ للمَدْيُونيّةِ الخارِجيّةِ على الدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ، حَوَّلَت الكَثيرَ منها إلى دُوَلٍ تابِعةٍ تَدُورُ في فَلَكِ الدُّوَلِ الكُبْرَى الدّائِنةِ.
كما أَكَّدَت الدِّراسةُ أَنَّ التَّجارِبَ الدَّوْليّةَ في هذا السّياقِ أَثْبَتَتْ فَشَلَ نَظَريّةِ المُؤَسَّساتِ الدَّوْليّةِ التَّمْويليّةِ الكُبْرَى الَّتي تَرَى أَنَّ الدُّوَلَ النّامِيةَ يُمْكِنُ أَنْ تَعْتَمِدَ على القُرُوضِ في تَحْقيقِ نَهْضَتِها الاقْتِصاديّةِ؛ وذلك لافْتِقارِ الدُّوَلِ النّامِيةِ إلى مَنْظُومةِ النَّجاحِ الَّتي تَضْطَلِعُ بإِدارةِ إِسْتِراتيجيّةِ القُرُوضِ بِشَكْلٍ فَعّالٍ يُعَظِّمُ من إيجابيّاتِها ويُقَلِّصُ من آثارِها السَّلْبيّةِ، والَّتي من أَهَمِّ مُفْرَداتِها؛ وُجُودُ المُؤَسَّساتِ الفاعِلةِ، البَياناتُ التَّفْصيليّةُ، المَوارِدُ البَشَريّةُ المُدَرَّبةُ، الأَجْهِزةُ الإِداريّةُ المُتَقَدِّمةُ، الأَنْظِمةُ الضَّريبِيَّةُ المُتَطَوِّرةُ، الحُكُوماتُ المُنْتَخَبةُ، والمُؤَسَّساتُ القانُونيّةُ المُسْتَقِلّةُ.

وشَدَّدَت الدِّراسةُ على أَنَّهُ بِدُونِ تِلْكَ المَنْظُومةِ سالِفةِ البَيانِ، فَإِنَّ أَمْوالَ المِنَحِ والقُرُوضِ والتَّمْويلِ الدَّوْليِّ سَتَظَلُّ نَكْبةً على الشُّعُوبِ الَّتي تَدْفَعُ فاتُورةَ تلك القُرُوضِ من ثَرَواتِها وحاضِرُها ومُسْتَقْبَلُها جِيلًا بعد جيلٍ.
وَقَدَّمَت الدِّراسةُ عَدَدًا من التَّوْصياتِ الَّتي تُعَدُّ مُحاوَلةً للخُرُوجِ من رِبْقةِ القُرُوضِ الدَّوْليّةِ الَّتي تُكَبِّلُ اقْتِصاداتِ الدُّوَلِ النّاميةِ، أَهَمُّها العَمَلُ على تَحْديثِ وتَطْويرِ مَنْظُومةِ العَمَلِ التَّنْمَويِّ المُسْتَدامِ في الدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ لِمُعالَجةِ الإِشْكاليّاتِ البُنْيَويّةِ في عَمَليّةِ صُنْعِ القَرارِ الاقْتِصاديِّ، والعَمَلُ على تَحْقيقِ "الكَفاءةِ التَّنْمَويّةِ"، في إسْتِراتيجيّاتِ تَوْطينِ التَّنْميةِ المُسْتَدامةِ بالدُّوَلِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ.
هذا مع تَدْشينِ مَنْظُومةٍ عَرَبيّةٍ إِسْلاميّةٍ مُوَحَّدةٍ للعَمَلِ التَّنْمَويِّ المُسْتَدامِ، والاسْتِفادةِ من الأَوْقافِ الإِسْلاميّةِ، لِتَكُونَ قاطِرةً تَنْمَويّةً رائِدةً، يُمْكِنُ من خِلالِها تَوْفيرُ الحاجاتِ التَّمْويليّةِ لِأَغْراضِ التَّنْميةِ المُسْتَدامةِ، ومُعالَجةِ الفَجَواتِ التَّمْويليّةِ.
كما تُوصي الدِّراسةُ بالاسْتِفادةِ من الخِبْرةِ التُّرْكيّةِ، النّاجِحةِ في التَّخَلُّصِ من ضُغُوطِ الاقْتِراضِ الخارِجيِّ، من خِلالِ الدَّمْجِ بين أَدَواتِ وآلِيّاتِ النِّظامِ الاقْتِصاديِّ الدَّوْليِّ، والتَّوَجُّهِ بِثَمَراتِ ذلك الدَّمْجِ نحو الدّاخِلِ.
ولأَنَّ التَّكامُلَ الاقْتِصاديَّ العَرَبيَّ- الإِسْلاميَّ، هو جُزْءٌ لا يَتَجَزَّأُ من مَنْظُومةِ الأَمْنِ القَوْميِّ لِلشُّعُوبِ العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ، تُوصِي الدِّراسةُ بِتَدْشينِ مَشْرُوعِ "مارشال إِسْلاميّ" للتَّنْميةِ من خِلالِ الاضْطِلاعِ بِحُزْمةِ إسْتِراتيجيّاتٍ شامِلةٍ تُساعِدُ به الدُّوَلَ العَرَبيّةَ والإِسْلاميّةَ؛ الغَنيّةَ والمَليئةَ، في دَعْمِ إِسْتِراتيجيّاتِ التَّنْميةِ المُسْتَدامةِ بدُوَلِنا العَرَبيّةِ والإِسْلاميّةِ الفَقيرةِ؛ من خِلالِ وسائِلَ تَمْويليّةٍ سَهْلةٍ ومُيَسَّرةٍ، مع الاسْتِفادةِ من خِبْرةِ البَنْكِ الإِسْلاميِّ لِلتَّنْمية في هذا الإِطارِ.
لقراءة الكتاب وتحميله بنسخه PDF اظغط علي الرابط التالي



 
أعلى