صورة: http://u.damasgate.com/001/4/zd1b7rtbyx6ont3gvdrp.jpg *#9917;*#65039; في الكورة والسياسة...!في مثل هذا اليوم قبل 32 سنةكانت جماهير كُرة القدم حول العالم على موعد مع مُباراة ذات طبيعة خاصَّة جدًّاإنه لقاء الأرجنتين وإنجلترا في الدور رُبع النهائي من بطولة كأس العالم المُقامة بالمكسيك.وكان هذا هو اللقاء الرسمي الأول بين الدولتيْن في أعقاب اندلاع حرب جُزُر فوكلاندالمُلاصِقة للساحل الشرقي الأرجنتينيوالتي استولت عليها بريطانيا في 1842 بدعوى أن بحَّاري الإمبراطورية البريطانية كانوا أوَّل مَن اكتشف الجُزُر في نهاية القرن السادس عشررغم أن الأرجنتين بجُزُرها كانت مُستعمرة إسبانية حتى استقلال الأرجنتين في 1816ورغم أن شكوكًا تحوم حول أسبقيَّة اكتشافهاللمرة الأولى عن طريق الرحَّالة البرتغالي الأشهر :ماجلان في أثناء مروره بمُحاذاة الساحل الشرقي لأمريكا الجنوبية في رحلة الدوران حول الكرة الأرضية في 1520اندلعت حرب فوكلاند في أبريل 1982بعد أن حاولت الأرجنتين استعادتها بالقوة بعد فشل مفاوضات استردادها سلميًّا عبر عقود من المُحادثاتومن مُفارقات التاريخ أن تنتهي الحرب بانتصار بريطانيا– بمُساندة الولايات المتحدة – في 20 يونيو 1982وأن تحلَّ الذكرى الرابعة للهزيمة قبل يومين فقط من مُباراة البلدين في بطولة كأس العالم !قبل المُباراة حدث أمران :أوَّلهما : خرجت تصريحات من الفيفاومن مُعسكر الفريقين ومن البلد المُنظِّم للبطولة حول ضرورة فصل الرياضة عن السياسةوأن الصراع العسكري الأخيرلا شأن له بمُباراة في كُرة القدموثانيهما : هو اجتماع مارادونا– أحد قُطبيّ كُرة القدم في التاريخ مع البرازيلي بيليه - بزملائه من اللاعبين قبل اللقاءوأكَّد لهم أن وطنهم قد خسر جُزُره عسكريًّا وسياسيًّالأنه أضعف من أن يستردَّها رغم أنها مُلاصِقة لشواطئهوتبعد آلاف الأميال عن بريطانيا المُغتصبة ! فإذا كان قد خسر الحرب والسياسةفليفُزْ في كُرة القدمويُعوِّض شعبه ولو بانتصار رمزي !وفي مُذكراته كتب دييجو أرماندو مارادوناحول ذلك اليوم ما يلي : قبل المباراة انتشر كلام حول أهمية عدم خلط الرياضةبالسياسة ، في ظل الصراع على جُزُر فوكلاندلكن هذا كان كذبًا ! مات الكثير من الأرجنتينيين في هذا الصراعلذا الفوز على إنجلترا كان انتقامًا استردادًا لكرامتنا عوضًا عن الجُزُرلم أكن أفكِّر سوى في ذلككانت أكبر من مُجرَّد مُباراة في كُرة القدموالانتصار كان أكثر من مُجرَّد الإطاحة بالإنجليز من البطولةبطريقة ما ، تخيَّلْتُ أن كل لاعب إنجليزي له ذنب في سلْب الأرض ومُعاناة الشعبيبدو جنونًا ما أقول ، لكن هكذا لعبنا المباراةكُنَّا ندافع عن عَلَمِنا وننتقم للموتى والأحياء !ومن مفارقات كُرة القدم أن تلك المبُاراة قد شهدت أشهر هدفيْن في تاريخ كأس العالم حتى يومنا هذا!أوَّلهما دخل التاريخ لأن مارادونا سجَّله بيده!والثاني حُفِرَ في ذاكرة التاريخ لأنه كان أعظم هدف في تاريخ كُرة القدم على الإطلاق !الأول وصفه مارادونا بأنه لم يُسجِّله بيدهلكنها كانت "يد الله" !وأراد بذلك أن يشير إلى سرقته للإنجليز الذين سرقوا أرضه ، والبادئ أظلم !والثاني لأنه قام بمراوغة كل لاعبي المنتخب الإنجليزي العمالقة الأشدَّاء الذين قابلوه في طريقهوقطع مسافة سبعين ياردة وحيدًا بالكُرة من قبل منتصف الملعبقبل أن يراوغ حارس المرمى نفسهويودع الكُرة في المرمى الخالي !كان الآلاف من الجماهير الأرجنتينية الذين زحفوا قبل المباراة إلى المكسيك في حالة من الفرحة الجنونية بما يفعله اللاعب الأعظم مارادوناوالذي صُنِّفَ آنذاك – بميوله اليسارية المعروفة عنه – بأنه امتدادٌ للمُناضل الأرجنتيني الكبير جيفارا !دخلت هذه المُباراة التاريخ من أوسع أبوابهوكانت تمهيدًا لاستكمال مشوار مارادونا في البطولةحتى نجح في تحقيق بطولة كأس العالم لوطنهوحده تقريبًا !ولم ينْسَ أحد تلك النظرة الغاضبة على وجه مارادونا والتي رصدتها الكاميرا في أثناء اصطفاف الفريقين لعزف النشيد الوطني للبلدين قبل المباراةحيث استدار مارادونا بوجهه ناحية الفريق الإنجليزي في أثناء غنائهم لنشيدهموكانت نظراته تقسم بأن ينتقم لشرفه لسَلْب أرضه بأن يهينهم في الملعب... وقد كان !.
أكثر...
أكثر...