يتطلب نجاح أية مؤسسة وتحقيقها لأهدافها حسن تواصلها مع جمهورها في جو من الثقة المتبادلة، وتمثل التقنيات الجديدة للإعلام والاتصال خير أداة للتواصل الجماهيري، ولعل ذلك ما حدا ببلدية روصو خلال المأمورية الممتدة بين اقتراعي 19 نوفمبر 2006 و23 نوفمبر 2013 إلى إنشاء موقع إعلامي على شبكة الأنترنت ليكون لسان حال المؤسسة البلدية ونافذتها الإعلامية تجاه الساكنة المحلية والشركاء الوطنيين والأجانب، ولئن كان هذا الموقع الإلكتروني قد نجح جزئيا في إيصال صوت ووجهة نظر البلدية وخاصة عمدتها آنذاك البروفسور فاصا يريم إلى قطاع عريض من المتابعين داخل البلدية وخارجها. إلا أن العديد من المآخذ يمكن تسجيلها على إدارة الموقع ومن خلالها على مؤسسة البلدية ومجلسها البلدي.
مخاطب أحادي اللغة لجمهور متعدد الثقافات
لا شك أن اللغة الفرنسية تحظى بمكانة هامة في بلدية روصو التي احتضنت ثانوية كبولاني منذ الحقبة الاستعمارية وظلت بوابة البلاد على إفريقيا الغربية الناطقة باللغة الفرنسية لكن ذلك لا يبرر استخدام الفرنسية كلسان وحيد لمخاطبة جمهور بحجم وتنوع ساكنة روصو، فالغالبية العظمى من سكان البلدية البالغ عددهم قرابة 50000 نسمة لا يتحدثون الفرنسية، ولذلك كان الأولى بمؤسسة البلدية اعتماد الازدواجية -على الأقل- في تواصلها مع الجمهور وتوفير محتوى رسالتها الإعلامية باللغة العربية، ولم لا باللغات الوطنية الأخرى: البولارية والولفية والسوننكية ؟، خاصة أنها تخاطب عموم الناس في مدينة متعددة الأعراق والإثنيات وتتميز بتنوع ثقافي فريد من نوعه في البلاد.
صحيح أن جميع شركاء البلدية الخارجيين يستخدمون اللغتين الفرنسية و/أو الإنجليزية، ولكن أهم شريك للبلدية يجب أن يكون مواطنيها، فهل تولي المؤسسة البلدية الاهتمام للشركاء الخارجيين أكثر من مصدر مشروعيتها ومرتكز وجودها ؟
مقطع فيديو باللغتين العربية والفرنسية
في أفق التحضير للانتخابات البلدية التي كانت متوقعة سنة 2011 أعدت بلدية روصو مقطع فيديو حمل عنوان: بلدية روصو؛ الوفاء بالالتزامات، وتم نشره على موقع اليوتيوب، وعلى عكس الموقع الإعلامي أحادي اللغة فإن المقطع السمعي البصري تميز بنشره في نسختين باللغة العربية واللغة الفرنسية، وهي استراتيجية انتخابية بامتياز توضح إدراك البلدية لأهمية الناخبين الناطقين بالعربية ومحورية رأيهم في إعادة انتخاب العمدة من عدمه. وهو ما لم تكذبه إحصائيات موقع يوتيوب حيث يفوق عدد مشاهدي النسخة العربية من مقطع الفيديو (792 مشاهدة) نظيرتها الفرنسية (639 مشاهدة) بأكثر من 23 في المائة. وفي نفس السياق كانت البلدية قد نشرت سنة 2010 حصيلة مكتوبة باللغة الفرنسية لإنجازاتها بمناسبة الذكرى الرابعة لانتخابات نوفمبر 2006.
حساب البلدية على الفيسبوك؛ غياب كلي للغة العربية
تمتلك بلدية روصو حسابا "شخصيا" على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، يديره أحد عمال البلدية، زاد عدد متابعيه -حتى سبتمبر 2013- على 1430 بينهم أقل من 4 في المائة من الناطقين بالحسانية، ما يعني خللا في تواصل الذراع الإعلامية لمؤسسة البلدية مع مختلف القوميات والإثنيات القاطنة لحيزها الجغرافي، وهي حقيقة تؤكدها المتابعة المتأنية لمحتوى الصفحة، حيث تغيب اللغة العربية تماما ويغلب الطابع الدعائي.
غلبة الطابع الدعائي على المحتوى الإعلامي
تغلب الدعاية السياسية والانتخابية على المادة الإعلامية المنشورة في الموقع الإلكتروني لبلدية روصو وصفحتها على الفيسبوك، فالمتتبع للمنشورات الإعلامية بهما؛ يخيل إليه أن لسان حال البلدية إنما وجد لتلميع صورة العمدة و"إنجازاته التنموية" دون أن يعير أي اهتمام لمشاغل الساكنة المحلية، كما تغلب النظرة الأحادية على الخط التحريري للموقع، فهو يكاد يكون الناطق الرسمي باسم العمدة فقط دون باقي أعضاء المجلس البلدي الذين ينتمون إلى تشكيلات سياسية متنوعة.
فهل يتفادى العمدة الحالي ومجلسه البلدي أخطاء المأمورية المنقضية ؟
د. سليمان ولد حامدن ولد حرمة
باحث في اللامركزية والتنمية المحلية
د. سليمان ولد حامدن ولد حرمة
باحث في اللامركزية والتنمية المحلية
أكثر...