الحرب على الفساد تبدأ بالتبليغ عن المفسدين
تشغل معضلة الفساد في موريتانيا الرأي العام الوطني حاليا، ولا يبدو أن حدة النقاش الدائر بشأنها ستخفت في الأفق القريب، بسبب حساسية وجسامة الملفات المثارة، في بلد احتل عالميا المرتبة 112 –من أصل 168 دولة- حسب مؤشر مدركات الفساد لسنة 2015، الصادر عن منظمة الشفافية العالمية.
يمكن القول إنه ما دامت السلطة هي من يمسك بكل أوراق قضايا الفساد المثارة حاليا، فستبقى هي الخصم والحكم في آن واحد. وهو ما قد يحجب جوانب عديدة من ظاهرة الفساد المستشرية، وهو ما يخشى أن ينطبق على ما بات يعرف سونمكس غيت.
لقد أظهرت فضيحة الأسمدة بفرع شركة سونمكس في مدينة روصو أننا لا نبالغ بالقول إنه لولا استشراء الفساد في قطاع الزراعة على مدى العقود الثلاثة الماضية، لحققت بلادنا الاكتفاء الذاتي من المنتجات الفلاحية.
حيث تمتلك موريتانيا 513.000 هكتارا من الأراضي الصالحة للزراعة ضعيفة الاستغلال، ومخزونا مائيا سطحيا يقدر ب 11.4 مليار م3 سنويا، لا تستغل منها إلا 15% للزراعة، فضلا عن ثروة حيوانية تناهز 19.1 مليون رأس. بينما لا يتجاوز عدد السكان ثلاثة ملايين ونصف نسمة.
في المقابل، تستورد البلاد 63 و70 % من حاجياتها من الحبوب والألبان على التوالي، حسب أحدث البيانات الرسمية.
وبما أنه تقع على المنتخبين مسؤولية رئيسية في كشف ملفات الفساد، تبدو في خطوات الرابطة الجهوية لعمد ولاية لعصابة بارقة أمل للمتابعين، فقد أودع هؤلاء العمد يوم 6 نوفمبر 2015 رسالة لدى الوالي موجهة لوزيرة الزراعة تبين استياءهم من الطريقة التي طبعت تسيير مشروع PROLPRAF خلال أربع سنوات من التدخل في بعض بلديات لعصابة، مطالبين بوضع حد لهذا النمط من التسيير الهدام لأموال الشعب.
كما أصدر العمد المعنيون بتدخل المشروع بولاية لعصابه في أكتوبر 2015 بيانا اتهموا فيه المشروع بالفساد وطالبوا بتنحية منسقه.
لكن السؤال المطروح هو أنه ما دام المنتخبون المحليون قد بلغوا، فماذا عملت الوزارة المعنية ؟ أم ستنتظر فتح الملف من طرف مفتشية الدولة كما حدث مع سماد سونمكس بروصو ؟ والذي يصدق عليه المثل القائل: الطبيب بعد الموت.
د. سليمان ولد حامدن ولد حرمة
9 أغسطس 2016
أكثر...